رؤية 2030- تحولات جريئة نحو مستقبل مزدهر للمملكة

المؤلف: فراس طرابلسي10.17.2025
رؤية 2030- تحولات جريئة نحو مستقبل مزدهر للمملكة

في هذا العالم المترامي الأطراف، الحافل بالفرص المتاحة والسيناريوهات المتوقعة، يتبلور سؤال "ماذا لو؟" كأداة فاعلة للتأمل العميق والتفكير المتأني في الأثر المحتمل للخيارات البديلة والنتائج الممكنة. ومع ما تشهده المملكة العربية السعودية من تحولات جذرية ومتسارعة في السنوات الأخيرة، يكتسب هذا السؤال أهمية مضاعفة، إذ يتحول من مجرد تمرين ذهني فلسفي إلى أداة حيوية لفهم الفروق الجوهرية بين الماضي والحاضر، وبين ما كان وما يمكن أن يكون. في ظل قيادة رشيدة واعية ورؤية استراتيجية شاملة، تتجلى الأدوار المحورية التي اضطلع بها الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، في ترجمة الطموحات والتطلعات إلى إنجازات ملموسة وواقع معاش.

ماذا لو لم تتبلور رؤية السعودية 2030؟

قبل أعوام ليست بالبعيدة، كان الاقتصاد الوطني السعودي يعتمد اعتماداً يكاد يكون كلياً على النفط كمصدر رئيس للدخل، ومع التقلبات المتلاحقة التي تشهدها الأسواق العالمية، لربما واجهت المملكة تحديات جسام وعقبات كأداء. ولكن، ماذا لو لم يتم إطلاق رؤية 2030 الطموحة؟ ماذا لو لم يتم اتخاذ قرارات شجاعة وجريئة لتفعيل التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط؟ لولا هذه الرؤية الثاقبة، لربما كنا اليوم نرزح تحت وطأة صعوبات اقتصادية جمة، مع غياب الفرص الواعدة التي أفرزتها مشاريع التنويع الطموحة.

ولكن، بفضل حكمة ورؤية الأمير محمد بن سلمان، تسير المملكة بخطوات واثقة ورصينة نحو بناء اقتصاد مستدام ومتين، يرتكز على قطاعات متنوعة وحيوية، مثل السياحة المزدهرة، والتقنية المتقدمة، والطاقة المتجددة النظيفة، والصناعة المتطورة. لقد تضاعفت إيرادات السياحة الداخلية والخارجية بشكل ملحوظ، وارتفع عدد الزوار إلى 25 مليون سائح في عام 2023، كما ازدادت مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 35% منذ إطلاق الرؤية.

ماذا لو لم يتم اتخاذ قرار حاسم لمكافحة الفساد؟

لطالما شكل الفساد بكل صوره وأشكاله عقبة كأداء في طريق تحقيق التنمية المستدامة والازدهار المنشود. ماذا لو لم يتم اتخاذ قرار صارم وحاسم لمكافحة الفساد والقضاء عليه؟ لربما استمرت الموارد الوطنية تُهدر وتبدد دون وجه حق، مما يضعف ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية ويعرقل مسيرة التنمية. لكن ولي العهد قاد حملة شجاعة ونزيهة لمكافحة الفساد، أسفرت عن استعادة ما يقرب من 400 مليار ريال سعودي لصالح خزينة الدولة، وإعادة هيكلة الأنظمة والقوانين بما يضمن الشفافية والمساءلة.

لم يكن هذا القرار مجرد إجراء داخلي، بل كان بمثابة رسالة قوية للعالم أجمع بأن المملكة تسير بخطى ثابتة وواثقة نحو تحقيق الشفافية الكاملة والحوكمة الرشيدة. واليوم، تتبوأ المملكة مكانة مرموقة بين الدول الرائدة في تحسين بيئة الاستثمار، حيث قفزت إلى المرتبة 38 في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال.

ماذا لو لم يتم تمكين الشباب والمرأة؟

في الماضي القريب، كان دور الشباب والمرأة محدوداً في عملية التنمية الشاملة، مما أضاع على البلاد فرصة ثمينة لاستثمار طاقات وقدرات عقول وإمكانات هائلة. ولكن، ماذا لو لم يتم فتح هذه الأبواب الموصدة؟ ماذا لو لم يتم إطلاق مبادرات وبرامج طموحة مثل برنامج تنمية القدرات البشرية؟

اليوم، وبفضل رؤية ولي العهد الملهمة، يمثل الشباب الذين تقل أعمارهم عن الأربعين عاماً ما نسبته 70% من سكان المملكة، وهم يشكلون رأس الحربة في عملية التغيير والتطوير، ويقودون الشركات الناشئة والمبادرات المبتكرة. لقد اقتحمت المرأة السعودية مجالات جديدة وواعدة، مثل الهندسة والطيران والقانون والمناصب القيادية في القطاعين العام والخاص، مما ساهم بشكل كبير في رفع نسبة مشاركتها في سوق العمل إلى 37%، بزيادة قدرها 10% خلال خمس سنوات فقط. ماذا لو لم نفكر بمنظور عالمي؟

في حين تركز العديد من الدول على تحسين أوضاعها الداخلية فحسب، اختارت المملكة العربية السعودية، بقيادة الأمير محمد بن سلمان، أن تفكر بمنظور عالمي وأن تتبنى رؤية عالمية شاملة. مشاريع عملاقة مثل نيوم وذا لاين والقدية لم تكن مجرد طموحات اقتصادية، بل كانت رؤى استراتيجية تهدف إلى وضع المملكة في قلب الحراك العالمي. لقد أصبحت نيوم رمزاً عالمياً للابتكار في مجال الطاقة المتجددة والتقنية المتقدمة، كما أن مشروع سندالة يجذب السياح من جميع أنحاء العالم، مما يعزز مكانة المملكة كوجهة عالمية للسياحة الفاخرة.

إلى جانب ذلك، أثبتت المملكة قدرتها الفائقة على تنظيم أضخم الأحداث والفعاليات العالمية، مثل كأس العالم 2034 في نسخته الأكبر والأكثر تميزاً. لقد كان فوز المملكة باستضافة هذه النسخة حدثاً بارزاً على جميع الأصعدة، يعكس قدرة المملكة وكفاءتها وإمكاناتها الهائلة في تنظيم المحافل الدولية والفعاليات الرياضية بكفاءة وإتقان عالٍ. كما أضافت السعودية إلى سجلها الدولي الحافل بالنجاحات إنجازاً جديداً يتمثل في حصولها على شرف استضافة معرض إكسبو 2030، الذي يُتوقع أن يكون الحدث الأكبر والأكثر تأثيراً على مستوى العالم. تعكس هذه الإنجازات ثقة المجتمع الدولي في قدرة المملكة على إدارة وتنظيم الفعاليات الكبرى بما يعزز مكانتها كمركز عالمي للإبداع والتميز.

كل ذلك كان جزءاً من تحقيق وعد ولي العهد بأن تصبح المملكة وجهة العالم من كل اتجاه وفي جميع المجالات، سواء في الابتكار، السياحة، الاقتصاد، أو الرياضة. ماذا لو لم تُدَر الأزمات الكبرى بكفاءة واقتدار؟

خلال أزمة جائحة كورونا العالمية، واجه العالم بأسره تحديات غير مسبوقة. ولكن، ماذا لو لم تكن المملكة تمتلك القدرة والكفاءة والإدارة الحكيمة لاستضافة قمة مجموعة العشرين G20 في خضم الأزمة؟ لقد كانت القمة التي عُقدت افتراضياً برئاسة المملكة دليلاً قاطعاً على مرونتها وقيادتها الرشيدة. ساهمت القرارات التي تمخضت عنها القمة في دعم الاقتصاد العالمي، وضمان استمرار تدفق السلع الأساسية، ومساندة الدول النامية في مواجهة التداعيات الاقتصادية.

داخلياً، أثبتت الدولة حكمتها وحنكتها من خلال استجابة سريعة وفعّالة لأزمة كورونا. لقد وفّرت العلاج والعناية الطبية مجاناً للجميع، بمن في ذلك المقيمون، وأطلقت برامج دعم مالي للمواطنين والشركات، مما خفّف من الآثار الاقتصادية للأزمة على المجتمع السعودي. لقد جعلت القرارات المتوازنة بين حماية الأرواح ودعم الاقتصاد المملكة نموذجاً يُحتذى به عالمياً. ماذا لو لم تكن هناك إرادة للتغيير والتطوير؟

يتطلب التغيير والتطوير إرادة حقيقية وعزيمة صادقة، وهذا ما تجسّده شخصية الأمير محمد بن سلمان. ماذا لو لم تكن هذه الإرادة موجودة؟ ماذا لو استمر الجمود والتردد؟ الإرادة القوية التي أظهرها الأمير ليست مجرد كلمات جوفاء، بل هي أفعال ملموسة وإنجازات واقعية.

لقد أثبتت الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها المملكة للعالم أجمع أنها قادرة على التكيّف مع المتغيرات العالمية، بل وتجاوز التوقعات. ومن خلال فتح أبواب جديدة للاستثمار، أثبتت القيادة السعودية أنها قادرة على تحويل التحديات إلى فرص واعدة.

في الختام: ماذا لو لم يكن لدينا قائد يحمل إرادة قوية ورؤية طموحة؟

«ماذا لو؟» سؤال يحمل في طياته تأملاً عميقاً في الإنجازات التي تحققت، وفرصة للتفكير ملياً فيما كان يمكن أن يكون مختلفاً. ماذا لو لم يكن لدينا قائد يحمل رؤية طموحة وإرادة سياسية قوية مثل الأمير محمد بن سلمان؟ ماذا لو لم يتم اتخاذ قرارات جريئة تنقل المملكة من الاعتماد على النفط إلى التنويع الاقتصادي، ومن الجمود إلى الابتكار؟ بفضل القيادة التي تجاوزت التحديات ووثّقت مكانة المملكة على الخريطة العالمية، أصبحت السعودية نموذجاً يُحتذى به في التنمية المستدامة. لم يكتفِ ولي العهد بتحقيق المكاسب الآنية، بل أسّس لنهضة شاملة ومستدامة تمتد لأجيال قادمة، مما يضمن للمملكة مستقبلاً أكثر إشراقاً وازدهاراً وريادة.

اليوم، لم نعد نسأل «ماذا لو؟» عن الماضي، بل نتأمل حاضراً مزدهراً ومستقبلاً مشرقاً. المملكة العربية السعودية تسير بخطى ثابتة نحو أن تصبح قوة عالمية تقود الابتكار والتنمية، بفضل قيادة آمنت بأن كل تحدٍّ هو فرصة سانحة، وكل طموح يمكن أن يتحول إلى واقع ملموس.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة